الأحد، 7 فبراير 2010
Sandooq
ضحكت كثيرا عندما وجدت أن زميلتنا الأمريكية (Lecette) قد وضعت مبلغا من المال فى مظروف وكتبت عليه بالإنجليزى (صندوق) !
كنا ، منذ زمان ، قد أنشأنا (صندوق أو ختة) يجمع زملاءنا السودانيين والمصريين بالمكتب، يصرفه أحدنا كل أسبوعين، وأستطعنا فى دورته الثانية ، بعد تقديم (Proposal) مقنع شمل (Terms & conditions) ضم مجموعة من الأمريكان .
يذكرنى فعل (Lecette) هذا كثيرا بالنكتة فى شريط النكات إياه (بتدوروا العوض) !
ويبدو أن هذا ما يحدث بالفعل ، فبعد سنوات من وجودنا بأمريكا لم نتأمرك قيد أنملة ، وإنما نقوم بسودنة من حولنا من أمريكان ببطء ولكن بفاعلية مدهشة .أكلوا معنا الكسرة وملاح الشرموط (تندر زملاؤنا المصريين كثيرا على هذه الكلمة ، ونقلوا للأمريكان ما ظنوا أنه معناها فى اللهجة المصرية ، بيد أن هذا لم يمنع الأخيرين والأولين من الإستمتاع به) ، وتلذذوا بالفول والفسيخ ، وشربوا الحلومر والكركدى ، بل أنهم صاروا يرصدون مناسباتنا والأيام التى نجلب فيها الطعام للمكتب فتلك الأيام بالنسبة لهم (خريف أبو السعن) . قلت لمديرتنا مرة وقد طلبت منى (تظبيط) طبق من طعام جلبناه :
Would you like lentil soup , Flafil or etc
وعددت لها الخيارات الموجودة ، باذلا مجهودا خرافيا لتوضيح ماهى الطعمية وكيف تصنع سلطة الأسود ، آملا أن ينتهى مجهودى بأن تختار شيئا ما . فقالت :
Little bit of everything, you know that I love everything you bring guys
ولا يقتصر الأمر على الطعام فقط ، بل أن (Lecette) و(Dawn) شاركننا صيام بعض الأيام فى رمضان تضامنا ، ووضعت(Dawn) – المسيحية الملتزمة- الحجاب عندما شاركتنا المائدة الرمضانية التى أقامتها المؤسسة لعملائها من المسلمين ! وقد أعجبت (Lecette) بالقنقليز الذى وصلنى من السودان ، رغم محاولتها (أكل) البذرة فى المرة الأولى ، وبعد التوجيهات السامية من شخصى تعلمت أن تأكل ال(White matrial) وتبصق ال(Black seed).
ولعل (اللا قابلية على الأمركة ) هذه هى حال الجيل الأول من السودانيين بأمريكا بأكمله ، وأعنى بالجيل الأول المهاجرين الذين جاءوا لأمريكا وليس السودانيين الذين ولدوا وترعرعوا وبالتالى تأمركوا هنا . فالسودانيون عصيون على الأمركة تماما ، فهم يعيشون هنا بال (Terms & conditions) السودانية ذاتها . يأكلون الكسرة والقراصة والويكة والفسيخ ويسفون السعوط ولو وجد بعضهم (عرقى) لشربوه رغم ما تنوء به أرفف المحلات من أشكال وألوان من هذه الأشياء .وليس دون شراء السعوط هنا مصاعب ، فما عليك إلا أن تتصل برقم ما ، تمليهم معلومات (الcredit card ) ، فيأتيك السعوط مشحونا على ما تختاره من (Fedex) أو (DHL) !
وقد تمكنت السودانيات بقدرة مدهشة من تطويع الكثير من المنتجات الأمريكية لغرض صناعة الأطعمة السودانية ، فال (sour cream) لصنع النعيمية و( all purpose flour) للقراصة والكسرة على حد سواء ، وإذا كنت عزابيا (مقطعا) كحالنا فلك فى بقالة الأمانة فى (sky line) بفيرجينيا خير سلوان ، فالطعمية الجاهزة وبرطمانات الفسيخ (كتلك التى كانت فى كافتريا العاملين) موجودة ، غير أنك يجب أن تسعى إليها باكرا فى أيام السبت وإلا لن تجد لها أثرا .
كما إبتعد جل السودانيين عن الدخول فى النظام الإقتصادى بداعى الربا ، فقضوا معظم حياتهم بأمريكا فى بيوت الإيجار و لوثوا الهواء بالعربات القديمة (أم ألفين دولار) فى نقيض تام لما يفعله جيراننا من الأحباش ، فما أن تطأ قدم أحدهم التراب الأمريكى حتى تظن أن جده قد شارك فى حرب التحرير ، تجده يعمل (كاشيرا) أو (valet parking) ويقود سيارة لا يقودها فى السودان (ودالجبل) نفسه ! وربما كان هذا سببا فى التناقص المستمر لحصتنا فى اللوترى وتزايدها المستمر لجيراننا فى الشرق .
أختم هذه الخاطرة ، والتى أوحى بها إلى أكل (Lecette) للقنقليز ، بذكر زميلنا فى المكتب (Ken) ، فقد كان أكثر الناس تسودنا وإلتقاطا لكلماتنا السودانية ، وهو من أطيب الأمريكان البيض الذين قابلتهم فى حياتى . فمن باب السودنة علمناه مثلا أن نقوم (بحضنه) عند السلام بحرارة سودانية أصيلة لا يعنى بأى حال أنه Gay !
و(Ken) يلتقط ما يسمعه من جمل فى سياقاتها المختلفة بذكاء ويحفظها ليستعملها عند الحاجة ، فتمر أحيانا عليه فتسأله (how are you today ؟ فيجيب بلسان سودانى مبين ( زى الزفت) ، ويقابلك فى الممر فيهتف ( قروش كتيرة مشكلة كبيرة!)
بل أن زميلة لنا سألته مرة وقد رأته يهم بمغادرة مكتبه ( Ken , where are you going) فاجاب بسودانية طليقة مادا يده فى إتجا ه الحمام : ( ماشى أبول) !
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Ezzan, I am amani from asnan, I dont know if you remember me, but I love to read your posts, you are a great writer...... keep writing and we will keep enjoying.
ردحذفThanks Amani, I appreciate your kind words
حذفSorry for the late reply